لم تمضِ سوى أشهر قليلة على زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لمصنع بيراميدز للإطارات في بورسعيد، حيث أعلن بفخر عن بدء الإنتاج التجريبي لإطارات السيارات الملاكي. يومها، وعدت الشركة بتحقيق إنجاز نوعي يساهم في حل أزمة نقص الإطارات في السوق المصري وارتفاع أسعارها الجنوني.
لكن اليوم، يتبخر هذا الحلم فجأة مع إعلان شركة بيراميدز تراجعها عن استكمال إنتاج إطارات السيارات الملاكي، ما أثار صدمة كبيرة في الأوساط الصناعية والاقتصادية.
الأسباب المحتملة للتراجع
رغم أن الشركة لم تقدم بيانًا تفصيليًا يوضح أسباب هذا القرار المفاجئ، إلا أن هناك عدة عوامل يمكن أن تكون وراء هذا التراجع:
1. ارتفاع تكاليف الإنتاج: الزيادة الكبيرة في أسعار المواد الخام عالميًا، خاصة المطاط، قد جعلت الإنتاج المحلي أقل تنافسية من الإطارات المستوردة.
2. أزمات اقتصادية محلية: تدهور سعر صرف الجنيه المصري وزيادة تكلفة الطاقة والضرائب قد أضافت أعباء مالية على الشركة.
3. نقص التمويل والدعم الحكومي: يبدو أن الوعود بدعم الصناعة لم تتحول إلى خطوات فعلية، مما أعاق الشركة عن تحقيق أهدافها الإنتاجية.
4. تحديات تصنيعية وتقنية: ربما واجه المصنع مشكلات تقنية في تشغيل خطوط الإنتاج بمقاييس الإطارات المطلوبة، ما أدى إلى تعطيل الإنتاج.
التداعيات على السوق والصناعة
قرار بيراميدز يترك السوق المصري في مواجهة أزمة متفاقمة. تعتمد مصر على استيراد ما بين 15 إلى 20 مليون إطار سنويًا، ومع توقف المشروع، ستزداد الفجوة بين العرض والطلب، مما قد يؤدي إلى ارتفاع إضافي في الأسعار.
على الصعيد الصناعي، يُعتبر هذا التراجع ضربة لطموحات مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعة الإطارات. كما يضع علامات استفهام حول جدوى المبادرات الصناعية المحلية في ظل الأزمات الاقتصادية الراهنة.
مصير الشركة: بيع أم تصفية؟
تثار تكهنات حول مستقبل شركة بيراميدز بعد هذا القرار. فهل سيتم بيعها لمستثمرين آخرين يمكنهم إحياء المشروع؟ أم أن التحديات الاقتصادية ستدفع نحو تصفيتها؟
حتى الآن، لم تصدر الشركة بيانًا واضحًا حول خططها المستقبلية، ولكن استمرار إنتاج الإطارات الصناعية الأخرى قد يكون طوق النجاة لها، إذا تمكنت من إعادة ترتيب أولوياتها.
ما بين الآمال والواقع
زيارة رئيس الوزراء وتصريحات المسؤولين في أبريل الماضي بثّت آمالًا كبيرة حول قدرة بيراميدز على تحقيق إنجاز صناعي حقيقي. تحدث رئيس مجلس إدارة الشركة حينها عن تصنيع إطارات بمكونات محلية بنسبة 70%، وبأسعار أقل من المستوردة بنسبة 40%.
لكن التحديات الاقتصادية واللوجستية على أرض الواقع كانت أقوى من هذه الأحلام. ومع هذا التراجع، تبقى التساؤلات قائمة: هل كان المشروع طموحًا أكثر من اللازم؟ وهل تمت دراسة التحديات بعناية قبل البدء فيه؟
حلم مؤجل أم ميت؟
تراجع شركة بيراميدز عن إنتاج إطارات السيارات يمثل نكسة للصناعة المصرية ويعيد فتح النقاش حول أهمية التخطيط المدروس والدعم الفعلي للصناعات المحلية. ومع ذلك، يبقى الأمل قائمًا في أن تجد الشركة حلولًا للتحديات الراهنة، أو أن تظهر مبادرات جديدة تعيد إحياء هذا الحلم.